
هل بإمكانِنا أن نُسَمِيَ الشجرةَ التي أمرَ اللهُ تعالى آدمَ بألا يأكلَ منها بـ “شجرةِ العِصيان”؟
يتكفَّلُ بالإجابةِ بالإيجابِ على هذا السؤال أن نستذكرَ ونتدبَّرَ الآيتَين الكريمتَين التاليتَين: (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى. فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى) (120- 121 طه).
فآدمُ إذاً قد عصى اللهَ بأكلِه من الشجرةِ التي كان اللهُ قد نهاهُ عنها. ولقد تعيَّنَ على آدمَ أن يستغفرَ اللهَ ويتوبَ إليه، وذلك حتى يبرأَ كيانُه مما جرَّهُ عليه أكلُه من “شجرةِ العصيان” هذه من نأيٍ عن اللهِ وبِعاد: (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (23 الأعراف). فاستجابَ اللهُ تعالى دعاءَ آدمَ وزوجِه وتابَ عليهما: (ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى) (122 طه).
ويخطئُ كلُّ مَن يظنُّ ويتوهَّمُ أنَّ أكلَ أبوَينا من “شجرةِ العصيان” لم ينجم عنه ما يجعلُ ذريتَهما مُلزَمةً بأن تستغفرَ اللهَ وتتوبَ إليه هي الأخرى، وذلك حتى تبرأَ من عواقبِ النأيِ والبِعادِ عن الله التي تسبَّبت فيها تلك الأكلة! فهذه التوبةُ إلى اللهِ هي الطريقةُ الوحيدةُ التي بمقدورِها أن “تداويَ” كلَّ ما تضرَّرَ من “كيانِ الإنسانِ” جراءَ تلك الأكلة.
ولقد فصَّلَ لنا اللهُ تعالى في قرآنِه العظيم السبيلَ إلى هذه التوبةِ في الآيةِ الكريمة 18 من سورةِ الفتح: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا). فالذين بايعوا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم تحت شجرةِ الرضوان هذه قد تابوا إلى اللهِ فكانَ حقاً على اللهِ أن يتوبَ عليهم ويغفرَ لهم ذنوبَهم.