
توجَّهَ اللهُ تعالى إلى اثنتَين من نساءِ رسولِه الكريم بخطابٍ مباشرٍ أنذرَهما فيه من مغبةِ ما سيعودُ به عليهما إصرارُهما على فعلِ ما لا يُرضيه صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم: (إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِير) (4 التحريم).
ولقد اشتملَ هذا الخطابُ التحذيري على ما من شأنِهِ أن يجعلَهما تعودانِ عن غَيِّهما وذلك بأن ضربَ لهما مثلاً بامرأةِ سيدِنا نوح وامرأةِ سيدِنا لوط: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) (10 تحريم).
كما اشتملَ هذا الخطابُ الإلهي على إشادةٍ بامرأتَين أخريَين كان لكلٍّ منهما حالٌ مع اللهِ تعالى اقتضى أن تُذكرا بسببِه في قرآنِه العظيم: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ. وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ) (11- 12 التحريم)، وذلك تِبياناً من اللهِ تعالى لما ينتظرُهما من عظيمِ الأجرِ في هذه الحياةِ الدنيا وفي الآخرةِ إن هُما تابتا وأصغى بذلك قلبُهما لما يأمرُهما به اللهُ تعالى.