
نقرأُ في سورةِ الرحمن الآياتِ الكريمةَ التالية:
1- (فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ. فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَان) (56- 57 الرحمن).
2- (حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ. فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ. لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ. فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) (72- 75 الرحمن).
فإذا كان اللهُ تعالى قد خلقَ الجانَّ “من مارجٍ من نار”: (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَار) (15 الرحمن)، فكيف ينبغي أن نفهمَ قولَه تعالى: “لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانّ”؟
يُعينُ على تبيُّنِ الإجابةِ على هذا السؤال أن نستذكرَ ونتدبَّرَ قولَ اللهِ تعالى: (وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا) (6 الجن). فتدبُّرُ هذه الآيةِ الكريمة يُبيِّنُ لنا أنَّ الجِنَّ مخلوقاتٌ تُماثِلُ الإنسَ، وذلك على قدرِ تعلُّقِ الأمرِ بتمايُزِهم ذكوراً وإناثاً. وإذا كانت الجنُّ بمقدورِها أن تتجسَّدَ بشراً، كما يتبيَّنُ لنا بتدبُّر الآيةِ الكريمة: (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ) (34 ص)، فإنَّ الرجالَ منهم سوف يكونُ بمقدورِهم إذاً القيامُ بكلِّ ما يقومُ به الرجالُ من الإنس.