
نقرأُ في سورةِ النحل، وفي الآيةِ الكريمة 127 منها، قولَ اللهِ تعالى: (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ). فما هومعنى “وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ” في هذه الآيةِ الكريمة؟
يتوهَّمُ البعضُ، ومن دونِ تبيُّنٍ لخصوصيةِ لسانِ القرآنِ العربية المبين، أنَّ معنى “لَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ” هو “لا تأسَ عليهم”. وهذا ظنٌّ يدحضُهُ ويُفنِّدُهُ تدبُّرُ الآياتِ الكريمةِ التالية:
1- (وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) (176 آل عمران).
2- (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) (من 41 المائدة).
3- (وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (65 يونس).
4- (وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ) (من 23 لقمان).
5- (فَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّا نَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ) (76 ص).
يتبيَّنُ لنا، وبتدبُّرِ هذه الآياتِ الكريمة، أنَّ معنى “وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ” بالإمكانِ إيجازُهُ بالكلماتِ التالية: “ولا تحزن جراءَ ما تلقاهُ من قومِكَ من صدودٍ وإعراضٍ وتكذيب”، وذلك مصداقَ قولِهِ تعالى: (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ) (33 الأنعام).