
نقرأُ في سورةِ يوسف، وفي الآيةِ الكريمة 5 منها، قَولَ اللهِ تعالى: (قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ). فسيِّدُنا يعقوبُ وعظَ ابنَه يوسفَ بأن يكتمَ رؤياهُ فلا يُخبِرَ بها إخوتَه، وذلك مخافةَ أن يَطالَهُ بعضٌ مما كان يعتملُ في صدورِهم من حسدٍ له سوف تُفاقِمُه هذه الرؤيا لا محالة.
ونقرأُ في سورةِ يوسفَ أيضاً: (إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ(8). اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (9)). وهاتانِ الآيتانِ الكريمتانِ لا يفصلُ بينهما وبين آيةِ موعظةِ سيدِنا يعقوبَ لابنِه يوسفَ أعلاه إلا آيتانِ كريمتان فحسب. فهل أغنت موعظةُ سيدِنا يعقوبَ هذه عن ابنِهِ يوسفَ من اللهِ من شيءٍ، وقد ائتمرَ إخوتُهُ عليهِ فكادوا له كيداً بلغَ مبلغَه بأن تدارسوا فيما بينهم خَيارَ قتلِه، وهُم لما يعلموا بأمرِ رؤياه أصلاً؟!
يُعينُ على الإجابةِ على هذا السؤالِ بالنفي القاطع تدبُّرُ الآيةِ الكريمة: (اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ) (9 يوسف).