
نقرأُ في سورةِ آل عِمران، وفي الآياتِ الكريمة 105- 107 منها، قَولَ اللهِ تعالى: (وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ. يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ. وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
يُبيِّنُ لنا تدبُّرُ هذه الآياتِ الكريمة أننا لسنا بمأمنٍ من أن يطالَنا ما وردَ فيها من وعيدِ اللهِ تعالى! فكلماتُ اللهِ تعالى جليَّةٌ بيِّنة، وهي تشيرُ هنا إلى ما ينتظرُ أولئك الذين “كفروا بعد إيمانِهم” من عذابِ اللهِ تعالى يومَ القيامة دونَ تحديدٍ لهوية أولئك “الذين كفروا بعد إيمانِهم”! فالأمرُ لا يخصُّ فئةً بِعَينِها أو طائفةً دون غيرِها من طوائفِ بَني آدم. فكلُّ مَن اختارَ أن يَحيدَ عن صراطِ اللهِ المستقيم، فيتَّبِعَ “السُّبُلَ”، لابد وأن ينتهي به الأمرُ إلى ما سوف يجعلُهُ من الذين “اسودَّت وجُوههم” يومَ القيامة: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون) (153 الأنعام).
وهؤلاءِ سيُخلِّدُهُم اللهُ تعالى في نارِ جهنمَ أبدَ الآبدين، وذلك كما بوسعِنا أن نتبيَّنَه بتدبُّرِ قَولِ الله تعالى في الآيةِ الكريمة 106 آل عمران: (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ) على ضوءِ ما جاءتنا به الآيةُ الكريمة 107 آل عمران: (وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ).
فإذا كان الذين ابيضَّت وجوهُهم يومَ القيامة سيُخلَّدونَ في رحمةِ اللهِ أبدَ الآبدين، فكيف لا يُخلَّدُ إذاً الذين كفروا بعد إيمانهم في نار جهنم أبد الآبدين هم الآخرون؟!