
نقرأُ في سورةِ ق، وفي الآياتِ الكريمة 31- 34 منها، قَولَ اللهِ تعالى: (وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ. هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ. مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ. ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ). فلماذا وصفَ اللهُ تعالى يومَ القيامة بـ “يومِ الخلود”؟
يُعينُ على تبيُّنِ الإجابةِ على هذا السؤال أن نتدبَّرَ الآيتَين الكريمتَين التاليتَين:
1- (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) (من 57 النساء).
2- (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا. إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا) (168- من 169 النساء).
يُبيِّنُ لنا تدبُّرُ هاتَين الآيتَين الكريمتَين أنَّ الناسَ يومَ القيامة سيُخلَّدون أبدَ الدَّهر إما في جهنمَ وإما في الجنة. وكلُّ قَولٍ خِلافَ هذا لا دليلَ قرآنياً عليهِ يستندُ إليهِ القائلونَ به! فالخلودُ في الجنةِ حَق، والخلودُ في النارِ حَق. وصدقَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم القائلُ: “وإنَّها لجنَّةٌ أبدًا أو لنارٌ أبدًا”. فاللهُ تعالى إنما وصفَ يومَ القيامةِ بـ “يومِ الخلود” لأنه اليومُ الذي فيه سيُخلَّدُ أصحابُ الجحيم في النارِ أبداً، وهو أيضاً اليومُ الذي سيُخلَّدُ فيه أصحابُ النعيمِ في الجنةِ أبداً: (بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ. وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (81- 82 البقرة).