
نقرأُ في سورةِ الأحزاب، وفي الآية الكريمة 57 منها، قَولَ اللهِ تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا). فكيف ينبغي لنا أن نفهم قوله تعالى “إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ” في هذه الآيةِ الكريمة؟
يُعينُ على الإجابةِ على هذا السؤال أن نتدبَّرَ الآياتِ الكريمةَ التالية:
1- (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ) (من 5 الصف).
2- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا) (69 سورة الأحزاب).
3- (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ) (من 53 سورة الأحزاب).
فاللهُ تعالى بقولِه “إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ” إنما يُحذِّرُ أولئك الذين يؤذونَ رسولَه الكريم صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم كائناً مَن كانوا، فيتوعَّدُهم بما يتوجَّبُ عليهم أن يتبيَّنوه بشأنِ ما سيترتَّبُ على أذيتِهم هذه من عواقبَ مزلزِلة. فإذا كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم ليس بمقدورِه أن يدفعَ عن نفسِه الأذى، فيردَّه ويُعاقِبَ عليه بمثلِ ما اعتُدِيَ به عليه، فإنَّ اللهَ تعالى قد كفاهُ ذلك فجعلَ الأمرَ منوطاً به هو جلَّ وعلا. فلكأنَّما كان الذي آذى رسولَه الكريم صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم قد آذى اللهَ تعالى فاستحقَّ بذلك من عذابِ اللهِ وغضبِه ما ليس لمخلوقٍ أن يُراجعَ اللهَ تعالى فيه.