
نقرأُ في سورةِ يوسف قَولَ اللهِ تعالى:
1- (وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا) (من 20 يوسف).
2- (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ) (من 23 يوسف).
3- (قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ. ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ. وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ) (من 51- 53 يوسف).
يتبيَّنُ لنا، وبتدبُّرِ هذه الآياتِ الكريمة، ألا موجبَ هنالك على الإطلاق لكلِّ هذا الحقدِ الدفين الذي تمتلأُ به قلوبُ المتطرفين على امرأةِ العزيز التي لولا أنَّ حالَها مع اللهِ تعالى كان أفضلَ من حالِهم لَما نطقَ لسانُها بما حفظته لنا الآياتُ الكريمة 51- 53 من سورةِ يوسف الواردةُ أعلاه! فلولا أنَّ امرأةَ العزيز كانت قد تابت إلى اللهِ توبةً نصوحاً، وآمنت باللهِ تعالى حقَّ الإيمان، وأصبحت بذلك من المؤمنين حقاً، لما أقرَّت، وعلى رؤوسِ الأشهاد، بأنَّها هي التي راودت سيدَنا يوسفَ عن نفسِه! فلولا أنَّ امرأةَ العزيز كان حالُها مع الله حالَ مَن اتَّقوا اللهَ حقَّ تُقاتِه، لما واتتها الجرأةُ على فعلِ ذلك! فامرأةُ العزيز لم تكن مضطرةً على الإطلاق إلى البَوحِ بما باحت به، ولذلك فلا موجبِ هنالك إطلاقاً للقطعِ والجزمِ بأنَّها تستحقُّ أن يقولَ فيها غُلاةُ المتطرفين ما يقولون!
فهل من حُسنِ إسلامِ المَرء أن يؤاخذَ مَن أقرَّت بذنبِها وتابت عنه مؤاخذةَ مَن أصرَّ على ما فعلَ وأتى بكلِّ ذريعةٍ وسببٍ ليُبرِّرَ لِفِعلتِه التي فعل؟!