
نقرأُ في سورةِ طه، وفي الآية الكريمة 132 منها، قَولَ اللهِ تعالى: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى). فما هو معنى “وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا” في قَولِ الله تعالى هذا؟
يُعينُ على تبيُّنِ هذا المعنى أن نستذكرَ قَولَ اللهِ تعالى: (رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا) (65 مريم). فاللهُ تعالى أمرَ رسولَه الكريم صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم، وكلَّ مَن كان له في رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم أسوةٌ حسَنة، بعبادتِه وبالاصطبارِ عليها.
والاصطبارُ على عبادةِ اللهِ تعالى يقتضي من العابدِ أن يصطبرَ على الصلاةِ اصطباراً تُحتِّمُه مقتضياتُ مجاهدةِ النفسِ وحملُها على ما لا تُحب وإكراهُها على ما لا تهوى من عملٍ لا ترى فيه إلا ما يعملُ على تفكيكِ عُرى تسلُّطِها على صاحبِها الذي ليس له من منجى منها إلا بالاصطبارِ على عبادةِ اللهِ وعلى الصلاةِ بخاصة وذلك لأنها أشقُّ العباداتِ وطأةً على النفسِ وهواها، هذا إن أدَّاها العابدُ على وجهِها الذي يُريدُه اللهُ تعالى إخلاصاً له وتفرُّغاً إليه وقنوتاً لا يقوى على الالتزامِ بإلزامِ العقلِ والقلبِ به إلا مَن كان له في رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم أسوةٌ حسَنة.