كلمةُ “أمة” هي من الكلماتِ التي يتعيَّنُ على متدبِّرِ النَّصِّ القرآني الشريف أن يأخذَ بنظرِ الاعتبارِ السياقَ الذي وردت خلاله ليتبيَّنَ له المعنى الذي تنطوي عليه. فالسياقُ القرآني هو الذي يُحدِّدُ لهذه الطائفةِ من كلماتِ القرآنِ العظيم معناها الذي يتعدَّدُ بتعدُّدِه. ولنأخذ مثالاً على ذلك كلمةَ “أُمة” التي لابد وأن يتِمَّ تدبُّرُها في سياقِها القرآني ليُصارَ بعدها إلى تبيُّنِ المعنى الذي تشتملُ عليه.
فكلمةُ “أُمة” تعني “القوم” في الآيتَين الكريمتَين التاليتَين: (كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ) (من 30 الرعد)، (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ) (من 24 فاطر).
وكلمةُ “أمة” تعني أيضاً “الجماعةُ من الناس قلَّت أم كثُرَت”، وذلك كما يتبيَّنُ لنا بتدبُّرِ الآيةِ الكريمة: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ) (من 23 القَصَص).
كما وتجيءُ كلمةُ “أُمة” في القرآنِ العظيم بمعنى “الجماعة من الناس التي تنضوي تحت لواءِ عقيدةٍ بِعينِها”: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (92 الأنبياء)، (بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ) (22 الزخرف).
وتجيءُ كلمةُ “أُمة” في القرآنِ العظيم أيضاً بمعنى “إمام الناس”، وذلك كما يتبيَّنُ لنا في توصيفِ اللهِ تعالى لسيدِنا إبراهيم: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً) (من 120 النحل). فاللهُ تعالى هو الذي جعلَ سيدَنا إبراهيمَ للناسِ إماماً: (قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا) (من 124 البقرة).
كما وتأتي كلمةُ “أُمة” في القرآنِ العظيم بمعنى “المدة من الزمانِ والأمَد”، وذلك كما يتبيَّنُ لنا بتدبُّرِ الآيةِ الكريمة: (وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) (8 هود).