
خلقَ اللهُ تعالى أبانا آدمَ إنساناً في أحسنِ تقويم: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (4 التين). فهذه الآيةُ الكريمة تُشيرُ إلى آدمَ وليس إلى الإنسانِ بعامة، وذلك كما يتوهَّمُ كثيرٌ منا! فالإنسانُ، ومن بعدِ أكلِ أبوَيه من الشجرةِ التي نهاهما اللهُ عنها، لم يعُد الإنسانَ الذي كانه قبلها. ونُخطِئُ إن ظنَنا أنَّ الإنسانَ كما نعرفُه هو الإنسانُ قبل أن يأكلَ أبواهُ من تلك الشجرة! ولذلك يحقُّ لنا أن نتساءلَ: “كيف كنا لنبدوَ لو أنَّ أبوَينا لم يأكلا من الشجرةِ التي نهاهما اللهُ عنها؟”.
فما نحن عليه اليومَ، من صفاتٍ وقدرات، هو ليس ما كان عليهِ أبوانا قبل أن يأكلا من تلك الشجرة! فارتقاءُ الإنسانِ كان سيتَّخذُ “وجهةً أخرى” لو أنَّ أبوَيه لم يأكلا من تلك الشجرة! وهذه الوجهةُ الأخرى هي “غيبٌ” لا سبيلَ لنا إلى تبيُّنِهِ بعقلِنا هذا، والذي لم يعُد العقلَ الذي كان عليه الإنسانُ قبل أن يأكلَ آدمُ وزوجُه من تلك الشجرة.