
أمرَ اللهُ تعالى رسولَه الكريم صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم بأن يدعوَ إلى “سبيلِ ربِّه”: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ) (من 125 النحل). وإذا كان اللهُ تعالى قد أمرَ رسولَه الكريم صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم بأن يدعوَ إلى “سبيلِ ربِّه”، فإنَّ كثيراً من “الدُّعاة” قد خالفوا أمرَ اللهِ بالدعوةِ إلى سبيله فشرعوا يدعونَ إلى سبيلِ أنفسِهم! والدعوةُ إلى “سبيلِ النفس” هي العِلةُ من وراءِ ما انتهى إليهِ أمرُ كلُّ مَن استهدى هؤلاءِ “الدُّعاة” فلم يهدوه إلا إلى ما فيه شقاؤُه في هذه الحياةِ الدنيا وخلودُه يومَ القيامة في نارِ جهنمَ وبئس المصير.
فدعوةُ الداعي إلى “سبيلِ الله” تقتضي منه وجوبَ أن “يُنَحِّي” جانباً كلَّ ما هو ذو صلةٍ بما تحرصُ نفسُه عليه من تطلُّعٍ إلى الاستعلاءِ في الأرضِ، وذلك عِبرَ اتِّخاذِها لأولئك الذين يتَّبعونَه مادةً تُديمُ بها هذا الشعورَ بالتفوقِ والاستعلاء! فدعوةُ الداعي إلى “سبيلِ الله” لا قيامَ لها إلا على أساسٍ من تغييبِ الداعي لنفسِه، وذلك بمناكفتِها ومجاهدتِها واضطرارِها إلى إخلاءِ الساحةِ حتى لا تُضِلَّ الناسَ بغيرِ علم.
فشتانَ إذاً بين مَن يدعو “إلى سبيلِ ربِّه” ومَن يدعو “إلى سبيلِ نفسِه” التي لا تأمرُ إلا بالسوء.