
ما كان للوجودِ أن يرى النورَ لولا أنَّ اللهَ تعالى بثَّ فيه قوانينَه التي لم يتمكَّن العلمُ من أن يُحيطَ إلا بقدرٍ يسيرٍ منها فحسب. فهذا الوجودُ قائمٌ بهذه القوانين قياماً سبقَ وأن قدَّرَه اللهُ تقديراً ما قدَرَه الإنسانُ حقَّ قدرِه إذ توهَّمَ أنَّ بمقدورِ عقلِه أن يُلِمَّ بقوانينِ الوجودِ كلِّها جميعاً! فلو أنَّ الوجودَ كان أمرُهُ مَوكولاً إلى الإنسانِ وعقلِه لَما كان لوقائعِه أن تحدثَ ولَما جرت أحداثُه على النحوِ الذي نعرف! فاللهُ تعالى خلقَ الوجودَ بقَدَرٍ مقدور لولاه لانهار الوجودُ وتلاشى:
1- (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) (من 3 الطلاق).
2- (وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا) (من 38 الأحزاب).
3- (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) (21 سورة الحِجر).
4- (وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ) (من 18 المؤمنون).
فكلُّ ما قُدِّرَ لعقلِ الإنسانِ أن يُحيطَ به من وقائعِ الوجودِ وأحداثِه لَيشي بما لهذا الوجودِ من تناسقٍ وتناغمٍ وتواقتٍ ما كان لأيٍّ منها أن يحدثَ لولا أنَّ اللهَ تعالى قدَّرَ المواقيتَ والآجالَ فجعلَ لكلِّ حدَثٍ زماناً وميقاتاً وأجَلاً لا يستقدمُ عنه ولا يستأخر:
1- (ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى) (من 40 طه).
2- (أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ. فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَكِينٍ. إِلَى قَدَرٍ مَعْلُومٍ. فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ) (20- 23 المرسلات).
4- (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى) (3 الأعلى).