
وردت كلمةُ “الإنسان” في سورةِ العلَق في المَواطنِ التالية:
1- (خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ) (2 العلق).
2- (الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) (4- 5 العلق).
3- (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى) (6 العلق).
فالإنسانُ لم يُخلَق “خَلقاً عَدَمياً”، أي من العَدَم، وذلك كما يزعمُ البعض! فالخَلقُ من العدَم لم يَرِد له ذِكرٌ في قرآنِ اللهِ العظيم، ويستوي في ذلك الإنسانُ وكلُّ مخلوقاتِ اللهِ الأخرى من ملائكةٍ وجِنٍّ و”جمادٍ” ونباتٍ وحيوان. و”الخَلقُ من عَلَق” مرحلةٌ من مراحلِ “تخلُّقِ الإنسان”؛ هذه المراحلُ التي فصَّلَها قرآنُ اللهِ العظيم تفصيلاً بوسعِنا أن نتبيَّنَه بتدبُّرِ الآياتِ الكريمةِ التالية:
1- (أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى. أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى. ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى. فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى) (36- 39 القيامة).
2- (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) (من 5 الحج).
3- (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ. ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (12- 14 المؤمنون).
واللهُ الذي خلقَ الإنسانَ من عَلَق، ما كان لِيَذَرَه يتخبَّطُ وهو يحاولُ أن يتبيَّنَ السبيلَ الذي يتوجَّبُ عليه أن يسلُكَه في حياتِه، فكان أن علَّمَه بنفسِهِ ما يتوجَّبُ عليه القيامُ به لِيسعدَ في دُنياهُ وأُخراه، فعلَّمَه ما لم يكن لِيعلَمَه وحدَه حتى ولو امتدَّ به العُمُرُ ملايينَ السنين، فأرسلَ إليه أنبياءَه ورُسُلَه بكتابِه الذي خطَّ صفحاتِهِ قلمُه فعلَّمَه بهذا القلَم ما لم يعلم.
إلا أنَّ الإنسانَ أبى إلا أن يطغى طُغياناً يُبرهِنُ عليه صدودُه وإعراضُه عن اللهِ الذي خلقَهُ من علَق وعلَّمَه “بقلمِه” ما لم يكن لِيعلمَه وحده.