هل من سبيلٍ للخروجِ مِن الظُّلُماتِ إلى النُّور؟

ما أن وطأت قدما الإنسانِ هذه الأرضَ، بعدَ إيابِ آدمَ وزوجِه من الجنةِ إليها، حتى تعيَّنَ عليه أن يختارَ بين طريقَين لا ثالثَ لهما:
1- (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (38- 39 البقرة).
2- (َقالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ. قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ) (24- 25 الأعراف).
3- (يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ. وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (35- 36 الأعراف).
فالإنسانُ، ومن بعدِ أكلِ أبوَيه آدمَ وزوجِه من الشجرةِ التي نهاهما اللهُ عنها، أصبح يقبعُ في ظُلُماتٍ إن كانت عيناهُ عاجزتَين عن إبصارِها فإنَّ النفسَ منه والعقلَ لا تشاركانهما هذا الرأيَ أبداً! وهذه الظلُماتُ هي بعضٌ مما يتعيَّنُ على الإنسانِ، نفساً وعقلاً، أن يُكابِدَه جراءَ إخفاقِهِ في تبيُّنِ الوجهةِ التي لابد له وأن يتَّخِذَها سبيلاً له وحيداً حتى يتأتَّى له أن يخرجَ منها إلى النور:
1- (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) (40 النور).
2- (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا) (من 122 الأنعام).
3- (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ) (من 39 الأنعام).
ولن يتمكَّنَ الإنسانُ من الخروجِ من هذه الظُّلُماتِ إلى النور، مهما أعملَ عقلَه وحكَّمَ فكرَه، وإن استعانَ على ذلك بِغيرِه كائناً من كان من مُعاصِرينَ وأقدمين من الذين يشاركونَه عجزَه هذا! فالإنسانُ لن يتمكَّنَ أبداً من الخروج من الظلُماتِ إلى النور وحدَه، وذلك طالما كان قبوعُهُ في هذه الظلُماتِ “غيرِ المرئية” هو مما ترتَّبَ عليهِ أن يُكابِدَه ويُعانِيَه جراءَ بُعدِهِ ونأيِه عمَّن بمقدورِه وحدَه أن يمُدَّ له يدَ العونِ لِينتشِلَه منها إلى النور! فاللهُ تعالى هو وحدَه القادرُ على أن يأخذَ بيدِ الإنسانِ من الظلماتِ إلى النور، وذلك لأنَّه هو خالِقُه وهو أعلمُ بهِ من نفسِه: (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (14 المُلك)، (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ) (من 32 النجم).
ولذلك أرسلَ اللهُ تعالى رُسُلَه بآياتِه ليُبيِّنَ للإنسانِ سبيلَ الخروجِ من الظلماتِ إلى النور:
1- (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) (من 5 إبراهيم).
2- (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) (من 9 الحديد).
3- (قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا. رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) (من 10- من 11 الطلاق).
4- (الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ. اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) (1- من 2 إبراهيم).
5- (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (من 15- 16 المائدة).
فاللهُ تعالى أرسلَ رُسُلَه الكِرام بآياتِه البيِّنات، قرآناً وإنجيلاً وزَبوراً وتوراة، لِيُخرِجَ الناسَ من الظلماتِ إلى النور. فاللهُ تعالى يتعهَّدُ كلَّ مَن آمنَ بهِ بِما يكفلُ له الخروجَ من الظلماتِ إلى النور؛ فهو الذي يُصلِّي وملائكتُهُ على المؤمنين ليُخرجَهم من الظلماتِ إلى النور، وهو الذي يتولَّاهم ليُخرِجَهم من الظلماتِ إلى النور:
1- (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا) (43 الأحزاب).
2- (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ) (من 257 البقرة).

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s