بيعةُ الرِّضوانِ بيعةُ الفتح

نقرأُ في سورةِ الفتح، وفي الآيةِ الكريمة 18 منها، قَولَ اللهِ تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا). وهذا “الفتحُ القريب” هو “فتحُ خيبر” الذي جعلَهُ اللهُ تعالى مقدمةً لـ “الفتحِ المبين” والذي هو فتحُ مكة. فالمؤمنونَ الذين بايعوا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم تحت الشجرةِ، في بيعة الرضوان، هُم مِن الذين “أوفَوا بِمَا عَاهَدوا عَلَيْهُ اللَّهَ”، والذين أشادَ بهم اللهُ في الآيةِ الكريمة 10 من سورةِ الفتح: (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا).
ويُخطِئُ كلُّ مَن يظنُّ أنَّ حضورَ الشجرةِ في “بيعةِ الرضوان” لم يكن “حضوراً قدَرياً”! فاللهُ تعالى هو الذي أجاءَ رسولَه الكريم صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم والمؤمنين إلى تلك الشجرة لغايةٍ في نفسِه، ولم يكن الأمرُ بِسببٍ من اضطرارِهم إلى الالتجاءِ إليها احتماءً من هَجير النهارِ، وذلك كما قد يظنُّ البعض! فشجرةُ بيعةِ الرضوان تُذكِّرُ بشجرةِ أبينا آدمَ التي كان لأكلهِ وزوجِه منها ما حتَّمَ على ذريتِهما وجوبَ أن تختارَ بين طريقَين لا ثالثَ لهما: إما اتباعُ هَدي الله أو الإعراضُ عنه. فالمؤمنونَ الذين بايعوا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم بيعةَ الرضوان تحت الشجرةِ هُم الذين اختاروا اتِّباعَ هَدي الله، فكان حقاً على اللهِ أن يفتحَ لهم خيبرَ توطئةً للفتحِ المبين.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s