
توجَّهَ اللهُ تعالى إلى الإنسانيةِ جمعاء برسالةٍ بوسعِنا أن نتبيَّنَها بتدبُّرِ ما أوردته الآيةُ الكريمة 13 من سورةِ الحُجُرات: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). فأكرمُنا عند اللهِ تعالى إذاً هو أتقانا له.
ولكن، هل يلزَمُ عن هذه الحقيقةِ القرآنيةِ وجوبُ أن يكونَ “أكرمُنا عند الله تعالى” هو أفضلَ الناسِ كلِّهم جميعاً؟
لو كان الأمرُ كذلك، لما حدَّدَ اللهُ تعالى “الأكرميةَ” فجعلَها “عندَه” فحسب. ولو أنَّنا تدبَّرنا هذه الحقيقةَ، وقدرناها حقَّ قدرِها، لَما تفرَّقنا شِيَعاً وأحزاباً يُكفِّرُ بعضُها بعضاً زَعماً من كلِّ فرقةٍ أنَّها وحدَها “الفرقةُ الناجية”! فمتى سنُدركُ أنَّ كونَ أحدِنا هو “الأكرمَ عند اللهِ تعالى” لا يُجوِّزُ لنا الزعمَ بأنَّهُ أفضلُ الناسِ كلِّهم جميعاً؟!