
أمرَ اللهُ رسولَه الكريم صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم بأن يُبلِّغَ الذين آمنوا بما نصَّ عليهِ قَولُهُ تعالى: (وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا) (53 الإسراء). فإذا كان الشيطانُ قد أقسمَ بِعِزةِ اللهِ تعالى إنَّه سيُغوي الناسَ أجمعين إلا مَن كان منهم من عبادِ اللهِ المخلَصين، فإنَّ ذلك يقتضي منا ضرورةَ ألا ندَعَه ينالُ منا فيجعلُنا من حزبِهِ وأوليائه الذين سيُخلَّدون معه في نارِ جهنمَ وبئسَ المصير.
فالشيطانُ عاقدُ العزمِ على أن يُضِلَّ مِن بَني آدمَ من استطاعَ إليهم سبيلاً. وطرائقُ الشيطانِ في إضلالِ الإنسانِ عن هَدِي اللهِ تعالى ليس باليسيرِ إحصاؤها وتبيُّنُها على ما هي عليهِ حقاً وحقيقة. ومن بينِ هذه الطرائقِ ما دأبَ عليهِ الشيطانُ من “نَزغٍ بين بَني آدم” يؤلِّبُ بهِ بعضَهم على بعض فيجعلُ الأخَ يُقاتلُ أخاه والصاحبَ يهجرُ رفيقَه وخليلَه.
ونزغُ الشيطانِ بين بَني آدمَ حقيقةٌ قرآنيةٌ يتوجَّبُ علينا أن نتدبَّرَها ونقدرَها حقَّ قَدرِها، وإلى الحدِّ الذي يجعلُنا لا نُبالغُ إن قُلنا “ما اجتمعَ بَشَرانِ إلا وكانَ الشيطانُ ثالثَهما”.