في معنى قَولِهِ تعالى “اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ”

يُنبؤنا القرآنُ العظيم بأنَّ كرسيَّ اللهِ تعالى قد وسِعَ السماواتِ والأرض (وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (من 255 البقرة). فاللهُ تعالى هو الإلهُ في السماء وفي الأرض (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) (84 الزخرف). فليس هنالك من موطنٍ في السمواتِ والأرض إلا وكان خاضعاً لسلطانِ اللهِ وجبروتِه. فاللهُ تعالى هو مالكُ السماواتِ والأرض والمتصرِّفُ الأوحدُ فيهما، وليس فيهما من مخلوقٍ يُنازعُ اللهَ تعالى في مُلكِه وحُكمِه. فاللهُ إلهٌ واحدٌ لا إلهَ إلا هو. ولذلك كان الشِّركُ باللهِ تعالى ظُلماً عظيماً؛ كيف لا والمُشركُ باللهِ قد أخرجَ نفسَهُ بِنفسِه من رحمةِ الله بهذا الذي جعلَهُ إشراكُهُ يخوضُ فيه نأياً وابتعاداً عن الحقِّ والحقيقة.
وكما أنَّ كُرسيَّ اللهِ قد وسعَ السماواتِ والأرضَ، فإنَّ نورَه تعالى قد وسعَهما هو الآخَر (اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ) (من 35 النور). فإذا كان لكلِّ “مصدرِ إضاءةٍ” مساحةُ انتشارٍ ليس بمقدورِهِ أن يتجازوَها، فإنَّ اللهَ تعالى لا يحدُّ نورَه ما يحولُ دون انتشارِه في عمومِ أرجاءِ السماواتِ والأرض. فكلُّ بقعةٍ في السماواتِ والأرض ما كان لها أن “تصمدَ” في وجهِ الزَّوالِ والفناء لولا نورُ اللهِ الذي به تتماسكُ السماواتُ والأرض، والذي لولا انتشارُهُ وتغلغلُه فيهما لزالَ كلٌّ منهما وتلاشى وأصبحَ أثراً بعد عين: (وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ) (من 65 الزخرف). (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ) (من 41 فاطر).

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s