
نقرأُ في سورةِ آل عمران، وفي الآيةِ الكريمة 7 منها، قَولَ اللهِ تعالى: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ).
يُبيِّنُ لنا تدبُّرُ هذه الآيةِ الكريمة أنَّ اللهَ تعالى قد يسَّرَ تأويلَ آياتِ قرآنِه المُحكَمات فجعلَ بمقدورِ مَن يتدبَّرُها أن يُحيطَ به إحاطةً لم يُيسِّرها لِما تشابَهَ من آياتِ قرآنِه العظيم أما وقد اختصَّ اللهُ تعالى بها نفسَه فجعلَ تأويلَها لا يعلمُهُ إلا هو. واللهُ تعالى إذ قصَرَ تأويلَ ما تشابَهَ من آياتِ قرآنِه على نفسِه، فلم يُيسِّر لأحدٍ من خلقِه أن يُحيطَ به، فإنَّه قد فعلَ الشيءَ ذاتَه إذ جعلَ “الأحرُفَ المقطَّعة” التي تبتدئُ بها بعضُ سُوَرِ قرآنِه، لا يعلمُ تأويلَها إلا هو أيضاً.
ولذلك فليس هنالك من داعٍ للتنطُّعِ بالقولِ بأنَّ هذا أو ذاكَ من خَلقِ اللهِ تعالى بمقدورِهِ تأويلُ هذه “الأحرفِ المُقطَّعة”، أو ما تشابَهَ من آياتِ القرآنِ العظيم، وذلك بإعمالِ عقلٍ منه!