
نقرأُ في سورةِ الفرقان، وفي الآيةِ الكريمة 20 منها، قولَ اللهِ تعالى: (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ).
يُعينُ تدبُّرُ قَولِ اللهِ تعالى هذا على تبيُّنِ الإجابةِ على سؤال “لماذا جعلَ اللهُ تعالى بعضَنا لبعضٍ فتنة؟”. فاللهُ تعالى خلقَ بَني آدمَ واستعمرَهم في الأرضِ وابتلاهم بالشرِّ والخيرِ، وذلك ليَميزَ طالحَهم من صالحِهم، وفاجِرَهم من بَرِّهم:
1- (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُون) (من 35 الأنبياء).
2- (الم. أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ. وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ) (1- 3 العنكبوت).
3- (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) (من 179 آل عمران).
4- (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) (37 الأنفال).
فاللهُ تعالى ما جعلَ بعضَنا لبعضٍ فتنة إلا ليبتليَنا ويختبرَنا ولِيتمايزَ بعضُنا عن بعضٍ فريقَين لا ثالثَ لهما: صابرونَ على ابتلاءِ اللهِ حُسنَ ظنٍّ باللهِ واحتسابا، وجَزِعون هَلِعون يمقتونَ الصبرَ إذ يدعوهم التحلِّي بهِ والتزوُّدُ بجَميلِه إلى مخالفةِ النفسِ والهَوى وهُم لا يدرونَ أنَّ جهنمَ تجتذبُهم إليها اجتذابا.