
نقرأُ في سورةِ الإسراء، وفي الآية الكريمة 82 منها، قَولَ اللهِ تعالى (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا). فلماذا جعلَ اللهُ تعالى قرآنَه العظيم “لَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا”؟
لنتدبَّر الآياتِ الكريمةَ التالية:
1- (وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا. وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا) (45- من 46 الإسراء).
2- (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَبِئْسَ الْمَصِير) (72 الحج).
فالظالمون، إذ تُتلى عليهم آياتُ قرآنِ اللهِ العظيم، فإنَّ ما ستضطرُّهم إليهِ من ردودِ أفعالٍ حِيالَها لن يجعلَ منهم يحظونَ من اللهِ تعالى إلا بأكبرِ المَقت وذلك لِما تقومُ عليه هذه الردودُ من تكذيبٍ بآياتِ الله وإنكارٍ لحقيقةِ كونِها مُنزَّلةً من عندِ الله. وردودُ أفعالٍ كهذه التي تصدرُ عن المكذِّبين بآياتِ الله، والمُشكِّكين بأنَّها قد تنزَّلت من عندِ الله، سوف تتجلى على أصحابِها وبما يجعلُ من قلوبِهم تزدادُ قسوةً على قسوة وإلى الحدِّ الذي يُعجِّلُ بجعلِها تزدادُ نأياً وابتعاداً عن اللهِ تعالى وصراطِه المستقيم. وهذا كلُّه لا يمكنُ أن ينتهِيَ بمَن كان هذا هو حالَه مع اللهِ تعالى إلا إلى الخسرانِ المبين: (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) (من 15 الزُّمَر).