ما هي عِلَّةُ المشكلةِ القائمةِ بينَ الرجُلِ والمرأة؟

نقرأُ في سورةِ الروم، وفي الآيةِ الكريمةِ 21 منها، قَولَ اللهِ تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ). يتبيَّنُ لنا، وبتدبُّرِ هذه الآيةِ الكريمة، أن اللهَ تعالى قد جعلَ بين الزوجَينِ سكينةً ومودةً ورحمة. فلماذا إذاً تنشبُ بينهما الخِلافاتُ والصِّراعاتُ، والتي قد تشتدُّ في أحايينَ كثيرة إلى الحدِّ الذي يجعلُ السكينةَ والمودةَ والرحمة تنقلبُ حقداً ومَقتاً وبُغضاً؟
يُعينُ على الإجابةِ على هذا السؤال أن نستذكرَ الحقيقةَ القرآنيةَ التي مفادُها أنَّ اللهَ تعالى إذ جعلَ بين الزوجَين سكينةً ومودةً ورحمة، فإنَّه إنَّما قد يسَّرَ لهما، وبهذا الذي جعلَهُ بينهما، أن تتأسَّسَ العلاقةُ بينهما، وبما يكفلُ لها النموَّ والازدهارَ والدوام، وذلك شريطةَ أن يُديمَ الزوجانِ من جانبِهما ما يتكفَّلُ بتحصينِ هذه العلاقةِ فلا ينالُ منها ما جُبِلَ عليه الإنسانُ من إيثارِ الإنصاتِ لِنزغِ النفسِ وغوايةِ الهَوى. فاللهُ تعالى خلقَ لنا أذُنَين نسمعُ بهما، وعينَين نُبصِرُ بهما، وفؤاداً نَعِي به ما يُحيطُ بنا. والأمرُ متروكٌ لنا؛ فإما أن نُحسِنَ التعاملَ مع هذا الذي منَّ اللهُ تعالى به علينا من جزيلِ أنعُمِهِ وعظيمِ نعمائه، وإما أن نُسيءَ التصرُّفَ فلا نقدرَ نِعمتَهُ علينا حقَّ قدرِها لينتهيَ بنا الأمرُ بعدها إلى ما يجعلُ منا عاجزين عن التمتُّعِ بما أنعمَ اللهُ به علينا من نعمةِ السمعِ والبصر.
فمادامَ الزوجُ “نفساً” قبل أن يكونَ ذكراً، ومادامت الزوجةُ “نفساً”، هي الأخرى، قبل أن تكونَ أنثى، فإنَّ المحافظةَ على ما أنعمَ اللهُ تعالى به عليهما من سكينةٍ ومودةٍ ورحمة لَتقتضيَ منهما وجوبَ أن يرعَيا هذه النعمةَ حقَّ رعايتِها، فيَقدراها حقَّ قدرِها، وذلك بأن يُديما تذكُّرَ حقيقةِ كونِ كلاً منهما “نفساً” قبل أن يكونَ أيَّ شيءٍ آخر، وبما يُوجِبُه هذا التذكُّرُ من عملٍ دؤوبٍ للحيلولةِ دونَ أن تتمكَّنَ النفسُ منهما فتنالَ من علاقتِهما وبما يؤدِّي بالتالي إلى جعلِهما يمقتُ واحدُهما الآخرَ مَقتاً لا يُمازِجُهُ إلا حقدٌ دَّفين ولا يُخالِطُهُ إلا بُغضٌ مَكين!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s