ما الذي آتاهُ اللهُ تعالى بَني إسرائيل ولم يؤتِه أحداً غيرَهم من العالَمين؟

نقرأُ في سورةِ المائدة، وفي الآيةِ الكريمة 20 منها، قَولَ اللهِ تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ). فما الذي آتاهُ اللهُ تعالى بَني إسرائيل ولم يؤتِهِ أحداً غيرَهم من العالَمين؟
يُعينُ على الإجابةِ على هذا السؤال أن نستذكرَ الآياتِ الكريمةَ التالية:
1- (وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعَذَابِ الْمُهِينِ. مِنْ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِيًا مِنَ الْمُسْرِفِينَ. وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) (30- 32 الدخان).
2- (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ) (47 البقرة).
3- (وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ) (16 الجاثية).
يتبيَّنُ لنا، وبتدبُّرِ هذه الآياتِ الكريمة، وبتذكُّرِ حيثياتِ قَصَصِ سيدِنا موسى كما يقصُّها اللهُ تعالى علينا في قرآنِه العظيم، أنَّ اللهَ ما كان “لِيختارَ” بَني إسرائيل، فيُفضِّلَهم ويؤتِيَهم ما لم يؤتِ أحداً غيرَهم من العالمين، لولا أنَّه تعالى قد بعثَ فيهم رسولاً من أنفسِهم هو سيدُنا موسى عليه السلام. فاللهُ تعالى قد فضَّل بَني إسرائيلَ على العالَمين بهذا الذي كفلَهُ لهم شديدُ قُربِهم من سيدِنا موسى أن يشهدوهُ من آياتِ اللهِ المُبيَّناتِ المُفصَّلات.
فالأمرُ لا علاقةَ له إذاً، من قريبٍ أو بعيد، بـ “شيءٍ ما” اختصَّ اللهُ تعالى به القومَ لِما كانوا عليهِ من الصَلاحِ والتقوى. فاللهُ إذ يختصُّ مَن يشاءُ من عِبادِه بشيءٍ من فضلِه، فإنَّهُ إنَّما قد فضَّلَه على غيرِه من العباد بهذا الذي سيؤتِيه إياه من آياتِه المبيَّناتِ المفصَّلات التي يكفلُ لهُ بها أن يتبيَّنَ من عظيمِ قدرتِه تعالى ما لم يُيَسِّره لغيرِهِ من عبادِه. واللهُ تعالى إذ فضَّلَ القومَ على العالمين، بهذا الذي كفلَهُ لهم شديدُ قربِهم من سيدِنا موسى أن يكونوا عليه شهوداً، فإنَّه إنما كان يُعِدُّهم ليكونوا أئمةً يدعونَ إلى الخيرِ ويَهدونَ إلى صراطِه المستقيم. إلا أنَّ السوادَ الأعظمَ من القومِ قد غلبَت عليهم شِقوَتُهم فمكَّنوا النفسَ والهَوى من قلوبِهم وعقولِهم لينتهيَ بهم الأمرُ بعدَها إلى الخوضِ في متاهاتٍ وضلالات لم يكن اتخاذُهم العجلَ إلهاً أوَّلَها، ولا كان ما كان منهم مع سيدِنا عيسى عليه السلام آخرَها!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s