
ما هو “الضلالُ البعيد” الواردُ ذِكرُه في القرآنِ العظيم في المواطنِ التالية:
1- (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لَا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ) (18 إبراهيم).
2- (يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُ وَمَا لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ) (12 الحج).
3- (بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ) (من 8 سورة سبأ).
يتبيَّنُ لنا بتدبُّرِ هذه الآياتِ الكريمة أنَّ “الضلالَ البعيد” هو وصفٌ قرآنيٌّ لأولئك الذين كفروا باللهِ تعالى وأشركوا به وكذَّبوا بالآخرة. وهؤلاءِ قد وصفَهم القرآنُ العظيم بأنَّهم “في ضلالٍ بعيد” في المواطنِ التالية:
1- (الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ. قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيد) (26- 27 ق).
2- (الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ بَعِيد) (3 إبراهيم).
3- (أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيد) (من 18 الشورى).
يتبيَّنُ لنا، وبتدبُّرِ ما تقدَّم، أنَّ الكفرَ باللهِ والإشراكَ به وإنكارَ يومِ القيامة هو ما يجعلُ العبدَ “في ضلالٍ بعيد”. وكيف لا يكونُ مَن هذا هو حالُه مع اللهِ تعالى، كفراً به وإشراكاً وإنكاراً ليومِ القيامة، في ضلالٍ بعيد، وهو قد جانبَ الصوابَ وحادَ عن صراطِ اللهِ المستقيم وخرجَ بالتالي على “نظامِ الله” الذي خضعَت لهُ السمواتُ والأرض؟! فهذا الوجودُ، بسماواتِه وأرضِه وما فيهما، قائمٌ على أساسٍ من الإيمانِ باللهِ إلهاً واحداً لا شريكَ له والإقرارِ بأنَّ الآخرةَ حقٌّ والساعةَ آتيةٌ لا ريب فيها. وكلُّ مخالفةٍ لهذا الذي يقومُ عليه الوجودُ، بسماواتِهِ وأرضِه ومَا فيهما، لابد وأن تنتهي بصاحبِها إلى أن يكونَ حالُه مع اللهِ تعالى حالَ الذين وصفَهم قرآنُهُ العظيم بأنهم “في ضلالٍ بعيد”.