ما هي مشكلةُ الإنسانِ مع أنبياءِ اللهِ المُرسَلين؟

يضطرُّ دينُ اللهِ تعالى الإنسانَ إلى “مواجهةٍ” لن يُكتَبَ له الفوزُ فيها إلا إذا ما هو انتصرَ للهِ تعالى من نفسِه فخالفَها وشقَّ عليها عصا الطاعة! فالإنسانُ واهمٌ إذا ما ظنَّ أنَّه يُقارِبُ الأمورَ بـ “عقلِه” وأن ليسَ لنفسِهِ فيها أيُّ نصيب! فالنفسُ حاضرةٌ في الأمورِ كلِّها جميعاً بأكثرَ من حضورِ العقلِ! وبرهانُ ذلك هو ما تضطرُّ النفسُ الإنسانَ إلى القيامِ به وإن كان في ذلك ما يُخالِفُ العقلَ ولا يتَّفقُ مع أحكامِه وقواعدِه. ولو كان أمرُ الإنسانِ مَنوطاً بمقاربةِ عقلِهِ للأمورِ كلِّها جميعاً لما ضلَّ ضالٌّ ولما كان أكثرُ مَن في الأرضِ في ضلالٍ مبين! وهذا هو ما بوسعنا أن نتبيَّنه بتدبُّرِ ما جاءنا به القرآنُ العظيم من آياتٍ كريمةٍ فيها ما هو كفيلٌ بتبيان ما للنفسِ على العقلِ من سلطانٍ مبين يجعلُه عاجزاً عن أن يرفضَ لها طلباً أو يعصيَ لها أمراً، إلا ما رحمَ ربي:
1- (فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ. وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ) (13- 14 النمل).
2- (وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) (38 العنكبوت).
ولذلك كان للإنسانِ، في كلِّ زمانٍ ومكان، مشكلةٌ مع أنبياءِ اللهِ المُرسَلين؛ كيف لا وهُم يضطرَّونه إلى هذه “المواجهة” التي يتعيَّنُ عليه بمقتضاها أن يخوضَ صراعاً بين عقلِه ونفسِه لن ينتهيَ بما سيجعلُهُ الغالبَ على أمرِه إلا إذا ما أخضعَ نفسَهُ لِما خضعَ له عقلُه إذ أقرَّ بعجزِهِ حِيالَ ما أجراهُ اللهُ تعالى على يد أنبيائِه المُرسَلين من معجزاتٍ وخوارقَ عاداتٍ ليس بمقدورِه أن يُعلِّلَ لها أو أن يجيءَ بمثلِها؟ فأنبياءُ اللهِ المُرسَلون قد جاؤوا الإنسانَ بما يُوجِبُ عليه أن يؤمِنَ بإلهٍ واحدٍ لا شريكَ له جامعِ الناسِ ليومٍ لا ريبَ فيه هو يومُ القيامة.
والإنسانُ، بعقلِهِ الخاضعِ لنفسِهِ إلا قليلاً، لا يملكُ حيالَ الحقيقةِ التي مفادُها أنَّ “اللهَ إلهٌ واحدٌ لاشريكَ له جامعُ الناسِ ليومٍ لا ريب فيه” غيرَ أن يُنكرَها أشدَّ الإنكار ويعملَ بموجبِ ذلك ما يجعلُهُ لا يتوانى عن كلِّ ما هو كفيلٌ بجعلِهِ يعيشُ دُنياه معيشةً ضنكاً وليُحشَرَ بعدها خالداً مخلداً في نارِ جهنم أبدَ الآبدين.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s