في معنى “خليفة” في قَولِ اللهِ تعالى للملائكةِ “إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً”

نقرأُ في سورةِ البقرة، وفي الآية الكريمة 30 منها، قَولَ اللهِ تعالى (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ). فلماذا أشارَ اللهُ تعالى إلى سيدِنا آدم بكلمة “خليفة”؟
يُعينُ على الإجابةِ على هذا السؤالِ أن نستذكرَ قَولَ الملائكةِ في هذه الآيةِ الكريمة: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ). فالملائكةُ كانوا يتحدثونَ عن مخلوقاتٍ كانت تُفسِدُ في الأرضِ وتسفِكُ الدماء، ولقد أشارت الملائكةُ إلى سيدِنا آدم على أنَّه واحدٌ من تلك المخلوقات. ومن هنا جاء تعجُّبُ الملائكةِ “إذ كيف يُعقلُ أن يتمَّ القضاءُ على الذين كانوا يفسدون في الأرضِ ويسفكِون الدماء ويُستثنى واحدٌ من تلك المخلوقات هو من وجهةِ نظرِ الملائكةِ لا يختلفُ عنها في شيءٍ على الإطلاق إفساداً في الأرضِ وسفكاً للدماء”؟ ولذلك قالَ اللهُ تعالى للملائكة: (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ).
فالخليفةُ الذي أرادَ اللهُ تعالى الملائكةَ أن يستثنوه ويُبقوا عليه، من بعدِ القضاء على الذين كانوا يفسدون في الأرضِ ويسفكونَ الدماء، هو ليس كما كانوا يظنون. فاللهُ تعالى كان قد اصطفاهُ واجتباهُ وعلَّمَهُ من لدنه عِلماً اختصَّهُ به فلم يُطلِع عليهِ أحداً من ملائكتِه.
فالخليفةُ في قولِ اللهِ تعالى “إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً” إذاً هو مَن أمرَ اللهُ تعالى الملائكةَ بأن يُبقوا عليه فلا يُهلِكوهُ مع مَن أمرَهم بإهلاكِه من القومِ المفسدين.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s