ما هو وعدُ اللهِ المفعول الذي تُشيرُ إليه الآيةُ الكريمة “وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا”

ما هو وعدُ الله المفعول الذي تُشيرُ إليه الآية الكريمة “وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا”

نقرأُ في الآيتَين الكريمتَين 107- 108 من سورةِ الإسراء: (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا. وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا). فما هو وعدُ الله المفعول الذي تُشيرُ إليه الآيةُ الكريمة 108 من هذه السورةِ الشريفة؟
يُعينُ على تبيُّنِ هذا المعنى أن نستذكرَ الآياتِ الكريمةَ 82- 84 من سورةِ المائدة: (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ. وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ. وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ). فالقومُ كانت أعينُهم تفيضُ من الدمعِ كلما سمعوا ما أُنزِلَ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم من آياتِ القرآنِ العظيم، وذلك لما تبيَّنوه فيها من الحقِّ الذي يجدونَه مكتوباً عندهم في التوراةِ والإنجيلِ من ذِكرٍ لنبيِّ آخرِ الزمان الذي سيُنزَّلُ عليه قرآنٌ يضعُ اللهُ تعالى به عنهم ما سبقَ وأن فرضَه عليهم من إصرٍ وأغلالٍ ليُصبِحوا بعدها عُتقاءَهُ الذين يعبدونَه وفقاً لِما جاءهم بهِ شرعةً ومنهاجاً رحمةً من لدنهُ تعالى بهم. وهذا هو عينُ ما تُحدِّثنا به سورةُ الأعراف في الآيتَين الكريمتَين 156- 157 منها: (وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
فـ “وعدُ اللهِ المفعولُ” إذاً هو وعدُهُ الذي أُنجِزَ وتحقَّقَ بمجيءِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم، وبنزولِ قرآنِ اللهِ العظيم على قلبِه الشريف، وذلك مصداقَ ما سبقَ وأن بشَّرَ به سيدُنا عيسى بَني إسرائيلَ بقولِه الذي حفظته لنا الآيةُ الكريمة 6 من سورةِ الصف: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ).
فعلماءُ بَني إسرائيل، الذين عاصروا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم، لم يكن ليخفى عليهم أمرُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم وأنَّهُ هو “النبيُّ المنتظَرُ” و”الرسولُ الموعودُ” الذي سيظهر في العربِ من بَني إسماعيلَ نبياً أُمياً عربياً يُؤتِيهِ اللهُ تعالى قرآناً عربياً لاشكَّ ولاريبَ في أنَّهُ من عندِ الله: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ. نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ. عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ. بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ. وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ. أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ) (192- 197 الشعراء).

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s