
في ثمانينيات القرنِ الماضي سرَت شائعةٌ في جنوبِ أفريقيا مفادُها أنَّ الثائرَ المناضلَ نيلسون مانديلا قد توفيَ في سجنِهِ. ولقد ساعدَ على انتشارِ هذه الشائعةِ أنَّ كثيراً من الناسِ صدقّوها وتناقلوها من دونِ أن يتثبتَ أيٌّ منهم من صحةِ الأمر! ومن عجائبِ الأمورِ، وعلى الرغم من أن نيلسون مانديلا قد أُفرِجَ عنه عام 1990 وعاشَ حتى انتُخِبَ رئيساً لجنوبِ أفريقيا وامتدَّ به العُمُرُ حتى توفاهُ اللهُ عام 2013، أنَّ كثيراً من الناسِ، وحتى هذه اللحظة، لا يزالون واثقين كلَّ الثقة من أنَّ نيلسون مانديلا قد توفيَ في سجنِه! وقد سُميت هذه الذاكرةُ غيرُ الحقيقية بـ “تأثير مانديلا”.
والآن، ألا يكشفُ لنا “تأثيرُ مانديلا” هذا النقابَ عن حقيقةِ الإنسانِ ومقدارِ قابليتِه الفذة على أن يتأثَّرَ بآراءِ الآخرين حتى وإن لم يقُم عليها أيُّ دليلٍ أو برهان؟! وألا يذكرنا “تأثيرُ مانديلا” بما سبقَ وأن بيَّنَه قرآنُ اللهِ العظيم من تفاصيلَ ذاتِ صلةٍ بهذا الذي هو عليه الإنسانُ من إيثارٍ لاتِّباعِ الظنِّ وما تهوى الأنفسُ على اتِّباعِ الحق؟ لنتدبَّر الآياتِ الكريمةَ التالية:
1- (بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ) (22 الزخرف).
2- (وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُون) (116 الأنعام).
3- (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى) (من 23 النجم).