
يُبرهِنُ المُعرِضونَ عن تدبُّرِ القرآنِ العظيم على هذا الذي هُم عليه من افتقارٍ للمنطقِ السليم والحجةِ القويمة بهذا الذي يصدرُ عنهم من “أحكامٍ قاطعة” بخصوصِ ما جاءَ في قرآنِ اللهِ العظيم ما أنزلَ اللهُ تعالى بها من سلطان! ومن ذلك زعمُهم بأنَّ هنالك فرقاً كبيراً، وبَوناً شاسعاً، بين المعنى الذي تنطوي عليه كلمةُ “بشر” وذاك الذي تنطوي عليه كلمةُ “إنسان” في القرآنِ العظيم! لنتدبَّر الآياتِ الكريمةَ التالية، والتي هي بعضٌ مما وردَ في قرآنِ اللهِ العظيم في حق البشر:
1- (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) (20 الروم).
2- (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ. قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) (32- 33 الحِجر).
3- (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا. فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا) (16- 17 مريم).
4- (وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا) (94 الإسراء).
5- (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا) (110 الكهف).
ثم لنقارن هذه الآياتِ الكريمةَ بآياتٍ أخرى هي بعضُ ما وردَ في القرآنِ العظيم في حقِّ الإنسان:
1- (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) (26 الحِجر).
2- (خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ) (4 النحل).
3- (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ. ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ) (12- 13 المؤمنون).
4- (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ(7)ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِين) (7- 8 السجدة).
يتبيَّنُ لنا، وبمقارنةِ هاتين المنظومتَين من الآياتِ الكريمة، بألا فرقَ هنالكَ على الإطلاق بين كلمةِ “بشر” وكلمةِ “إنسان” في القرآنِ العظيم.
فمتى يكفُّ القومُ عن إطلاقِ هكذا أحكامٍ هي إن دلَّت فإنَّما تدلُّ على أنَّهم أبعدُ الناسِ عن أن يكونَ لهم حظٌّ أو نصيبٌ من العلمِ يؤهِّلُهم لأن يخرجوا على الناسِ برأيٍ سديد أو بحُكمٍ رشيد!