
وردت كلمةُ “للإنسان” في القرآنِ العظيم في المواطنِ التالية:
1- (إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ) (من 5 يوسف).
2- (إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا) (من 53 الإسراء).
3- (وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا) (من 29 الفرقان).
4- (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) (16 الحشر).
5- (أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى. فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى) (24- 25 النجم).
6- (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى. وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى. ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى) (39- 41 النجم).
يؤكِّدُ لنا تدبُّرُ هذه المواطنِ الحقيقةَ التي مفادُها أنَّ القرآنَ العظيم لم يرِد فيه ذكرٌ لـ “الإنسان”، في غيرِ سياقِ الحديثِ عن خَلقِ اللهِ تعالى له، إلا في معرضِ التذكير بهذا الذي هو عليه الإنسانُ من “خِلقةٍ استثنائية” يتعيَّنُ عليه بمقتضاها أن يتعرَّضَ لطائفةٍ من “التحديات” التي لم يُقدِّر اللهُ تعالى لأحدٍ غيرَه من المخلوقات أن يتعرَّضَ لها. فالإنسانُ “مُستهدَفٌ” من قِبَل الشيطانِ وقبيلِه من شياطينِ الجِن الذين أجازَ اللهُ تعالى له أن يستعينَ بهم في حربِه على الإنسان:
1- (يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُون) (27 الأعراف).
2- (قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا. قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا. وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا) (62- 64 الإسراء).
والإنسانُ بعدُ، كما يتبيَّنُ لنا بتدبُّرِ المواطنِ القرآنيةِ التي وردت فيها كلمةُ “للإنسان” أعلاه، ليس له، في واقعِ الحال وحقيقةِ الأمرِ، ما يظنُّهُ ويتوهَّمُه من أقوالٍ وظنون! فسَعيُ الإنسانِ هو كلُّ ما قُدِّرَ له أن يكونَ له. وسعيُ الإنسانِ هذا هو مَناطُ التكليفِ ومادةُ الحِسابِ يومَ القيامة. فالإنسانُ لا يملكُ أن يُحدِّدَ بنفسِهِ لنفسِه ما ينبغي أن تكونَ عليه حياتُه وما يتوجَّبُ عليه أن يكونَ غايتَه ومسعاه! فلا الموتُ خاتمةَ رحلةِ الإنسانِ، ولا الدنيا هي كلَّ ما هنالك، وذلك كما يظنُّ ويتوهَّمُ عقلُ هذا الإنسانِ الذي زيَّنَ له الشيطانُ ما جعلَهُ لا يُدرِكُ حقيقةَ الوجودِ التي لن يُمكَّنَ من الوقوعِ عليها والإحاطةِ بها إلا من بعدِ إقرارِهِ بأنَّ الأمرَ ليس له بل للهِ الذي له الأمرُ من قبلُ ومن بعد.