
مَن هُم “أهلُ الذِّكر” الذين يَرِدُ ذِكرُهم في المَوطِنَين القرآنِيَّين التاليين:
1- (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ. بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (43- 44 النحل).
2- (مَا آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ. وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ. وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ) (6- 8 الأنبياء).
أجمعَ المفسرون الثِّقاة على أنَّ “أهلَ الذِّكر” هُم علماءُ التوراةِ والإنجيل الذين عاصروا رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم، والذين كان عِلمُهم بأنَّ “القرآنَ العظيم هو من عندِ اللهِ تعالى” آيةً تشهدُ لهذا القرآنِ بأنَّه لا يمكن أن يكونَ من عندِ غيرِ اللهِ تعالى. ولقد شدَّدَ اللهُ تعالى على هذه “الشهادةِ- الآية” في العديدِ من الآياتِ الكريمة:
1- (وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ) (43 الرعد).
2- (أَوَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ آيَةً أَنْ يَعْلَمَهُ عُلَمَاءُ بَنِي إِسْرَائِيلَ) (197 الشعراء).
3- (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ. بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) (48- من 49 العنكبوت).
4- (قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا. وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا) (107- 108 الإسراء).
5- (وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ) (من 36 الرعد).
غيرَ أنَّ بعضاً من “المفسِّرين المُحدَثين” كان له رأيٌ آخرَ في “أهلِ الذِّكر” مفادُه هو أنَّ “أهلَ الذِّكر” هُم كلُّ مَن كان له باعٌ في علومِ الدينِ “يؤهِّلُه” لأن يكونَ مرجِعاً يُختلَفُ إليه ويُستفتى في أمورِ الدين! وهذا قَولٌ في “أهلِ الذِّكر” لا يستقيمُ مع المعنى الذي بيَّنَه قرآنُ اللهِ العظيم. فـ “أهلُ الذكرِ” في القرآنِ العظيم لم يعُد لهم وجودٌ في زمانِنا هذا الذي تفصلُ بينَه وبين زمانِ تنزُّلِ القرآنِ العظيم مئاتٌ من السنين! ولذلك فإنَّه لَمِنَ المُتعذَّرِ أن يسألَ أهلُ هذا الزمان “أهلَ الذِّكرِ” الذين ذكرَهم القرآنُ العظيم، والذين ما عادوا موجودين! وكلُّ مَن يُريدُنا أن نسألَ “أهلَ الذِّكر” الذين وردَ ذِكرُهم في القرآنِ العظيم، فإنَّه إنما يُريدُنا أن نركبَ “آلةَ الزمن” لنعودَ إلى ماضٍ سحيق كان لأهلِ الذكرِ فيه وجود!