
نقرأُ في سورةِ الروم، وفي الآيةِ الكريمة 41 منها، قَولَ اللهِ تعالى (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).
يُعينُ تدبُّرُ هذه الآيةِ الكريمة على الإجابةِ على سؤالِ “لماذا لا يُمسكُ اللهُ تعالى يدَ الإنسانِ فيحولُ بذلك دون أن يُظهرَ الإنسانُ في الأرضِ الفساد؟”. فهذه الآية ُالكريمة تُبيِّنُ لنا العلةَ من وراءِ إحجامِ اللهِ تعالى عن التدخُّلِ في “مسارِ أحداثِ الدنيا” وبما يتكفَّلُ بالحيلولةِ دون أن يُظهِرَ الإنسانُ في الأرضِ الفساد. فاللهُ تعالى إذ يُحجِمُ عن هذا التدخُّلِ فإنَّه إنما يريد أن يُتيحَ للإنسانِ فرصةً ليرى بأُمِّ عينَيه ما آلت إليه أمورُ دُنياه أما وقد أظهرَ في الإرضِ الفسادَ علَّ في ذلك أن يضطرَّه إلى العودةِ إلى جادةِ الصواب فيتَّبعَ هَديَ اللهِ تعالى من بعدِ إعراضِه عنه؛ هذا الإعراضُ الذي زيَّنَ له الجنوحَ إلى الفساد.