
نقرأُ في سورةِ النمل، وفي الآياتِ الكريمة 41- 43 منها، قَولَ اللهِ تعالى (قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنْظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنَ الَّذِينَ لَا يَهْتَدُونَ. فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ. وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ). فما هو معنى “وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا” في قَول اللهِ تعالى هذا؟
تباينت آراءُ المفسِّرين في معنى الآية الكريمة (فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ). ولا موجبَ لهذا التباينِ إن نحن تدبَّرنا هذه الآيةَ الكريمة على ضوءٍ من السياقِ القرآني الذي وردت خلالَه. فسيدُنا سليمان كان يُشيرُ إلى ما اختصَّهُ اللهُ تعالى به من “العلم” الذي كفلَ اللهُ تعالى له به أن يعلمَ ما غُيِّبَ عن كثيرٍ من خلقِه ومنهم ملكةُ سبأ. فبموجبِ هذا “العلم” كان بمقدورِ سيدِنا سليمان أن يتبيَّنَ من “حقيقةِ الوجودِ” ما كان ليُمكِّنَهُ، لو أنَّه كان مكانها، أن يعلمَ حقيقةَ هذا العرش فلا يقولُ كما قالت “كَأَنَّهُ هُوَ”، ولكن يقولُ “بلى، إنَّه هو”.