
نقرأُ في سورةِ يس، وفي الآيةِ الكريمة 30 منها، قولَ اللهِ تعالى (يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ). فما هو معنى قول الله تعالى “يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ”؟
يُعين على تبيُّنِ هذا المعنى تدبُّرُ قولِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم: “لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِن أَحَدِكُمْ كانَ علَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فلاةٍ، فَانْفَلَتَتْ منه وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فأيِسَ منها، فأتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ في ظِلِّهَا، قدْ أَيِسَ مِن رَاحِلَتِهِ، فَبيْنَا هو كَذلكَ إِذَا هو بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ”.
فإذا كانت هذه هي فرحةَ اللهِ تعالى بتوبةِ عبدِهِ الضال المذنب، فإنَّه لمن المنطقي أن يحزنَ اللهُ تعالى لإصرارِ عبادِه الذين فرُّوا منه على غَيِّهم وكفرهم به حُزناً لا يُستغرَبُ معه أن يتحسَّرَ اللهُ تعالى على عبادِه الضالين المُصرِّين على غَيِّهم هؤلاء.