
نقرأُ في سورةِ التوبة، وفي الآية الكريمة 105 منها، قَولَ اللهِ تعالى (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ). فمَن هم المخاطَبون في هذه الآيةِ الكريمة؟
تباينت أقوالُ المفسِّرين في هويةِ المخاطَبين بهذه الآيةِ الكريمة. ويتبيَّنُ لنا بتدبُّرِ هذه الآيةِ الكريمة ألا موجبَ هنالك على الإطلاق لهكذا اختلافٍ في الرأي بشأنِ هويةِ هؤلاءِ المخاطَبين! فالسياقُ القرآني الذي وردت خلاله هذه الآيةُ الكريمة لا يدَعُ مجالاً للشك في أنَّ المخاطَبين بهذه الآيةِ الكريمة هم المنافقون الذين يُضمرونَ ويُخفون ما لا يُبدونَ ويُعلِنون. وتُخفِقُ كلُّ محاولةٍ للتعليلِ لهذا التبايُنِ في أقوالِ وآراءِ المفسِّرين بشأنِ هويةِ هؤلاءِ المخاطَبين، وذلك طالما كان السياقُ القرآني الذي وردت خلالَه هذه الآيةُ الكريمة لا يحتملُ إلا تفسيراً واحداً فحسب!
أما الاحتجاجُ بأنَّ “القرآنَ حمَّالُ أوجُه”، وبأنَّ “في اختلافِ المفسِّرين رحمة”، فيكفينا كيما نُفنِّدَه وندحضَه أن نستذكرَ الحقيقةَ القرآنيةَ الكريمةَ التي جلاَّها لنا قولُ اللهِ تعالى (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (40 القمر). فأيُّ موجبٍ بعدَ قَولِ اللهِ تعالى هذا للقولِ بما ذهبَ إليه أولئك الذين دأبُهم وديدنُهم تحكيمُ العقلِ في النَّصِّ الإلهي لقرآنِ اللهِ العظيم؟!