
لا أحدَ يعرفُ الإنسانَ كما يعرفُهُ اللهُ تعالى: (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ)، (أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ). فاللهُ تعالى حذَّرَنا من مغبةِ الإذعانِ لما تأمرُ بهِ أنفسُنا ويزيِّنُهُ لنا هوانا وذلك حتى لا ينتهِيَ بِنا الأمرُ إلى ما سيؤولُ إليهِ أمرُ مَن أصغى إلى ما تُزيِّنُهُ لهُ نفسُهُ ويدعوهُ إليه هواه: (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ)، (وَلَٰكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ). فالالتهاءُ بالأملِ والاغترارُ بالأماني هما ما يُعجِّلُ بِحيودِ الإنسانِ عن جادةِ الصواب فيحولانِ بذلك دونَ أن يكونَ بمقدورِهِ أن يسمعَ لأمرِ اللهِ تعالى. فالذي يُلهيهِ الأملُ ويغترُّ بالأماني لن يجدَ ما يدفعُ بهِ ويجتذبَهُ إلى اتِّباعِ صراطِ اللهِ المستقيم الذي ما أعرضَ عنه إنسانٌ إلا وأصبحَ من المخلَّدينَ في نارِ جهنمَ وبئسَ المصير.