
قد يفاجئُ القولُ “إنَّ الإنسانَ كائنٌ ليس مُعرضاً للانقراض” أولئك الذين ينظرونَ إلى ما أظهرتهُ يدُ الإنسانِ في الأرضِ من الفساد! فعلى الرغم من كلِّ هذا الذي أحدثَهُ الإنسانُ في الطبيعةِ من فسادٍ طالَ البرَّ والبحرَ والجو، وبما يُحتِّمُ وجوبَ أن تطالَهُ “قوانينُ الطبيعة” فتستأصِلَ شأفتَه وتجتثَّ كيانَه من عروقِه، فإنَّ الإنسانَ سيبقى عَصِياً على كلِّ ما من شأنِه أن يذهبَ به ويجعلَه يتلاشى أدراجَ الرياح! وما ذلك إلا لأنَّ “الإنسانَ ليس نِتاجَ الطبيعةِ وقوانينِها” كما يتوهَّمُ العلمُ الذي بين أيدينا! فالإنسانُ قد خلقَهُ اللهُ تعالى لـ “حياةٍ أخرى” غيرَ هذه الحياةِ التي لو أنَّه كان خاضعاً لقوانينِ طبيعتِها لما تسنَّى له أن يُعمَّر فيها غيرَ بعضٍ من جيلٍ أو جيلين! فاللهُ تعالى قد خلقَ الإنسانَ للآخرةِ وليس لهذه الحياةِ الدنيا حتى تنالَ منه قوانينُها التي سلَّطها اللهُ تعالى على غيرِه من المخلوقاتِ من نباتٍ وحيوان.
ولذلك فإننا نقرأُ في القرآنِ العظيم: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) (61 النحل)، (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا) (45 فاطر).
إذاً فالإنسانُ باقٍ إلى يومِ القيامة حتى ولو بلغَ إفسادُه في الأرضِ مبلغاً يُحتِّمُ عليه ضرورةَ أن يزولَ ويتلاشى وفقاً لما تقضي به “قوانينُ الطبيعة” التي لا يعرفُ علماءُ حضارتِنا المعاصرة غيرَها قوانينَ يخضعُ الإنسانُ بإذنِ اللهِ تعالى لتأثيرِها!