
نقرأُ في قرآنِ اللهِ العظيم:
1- (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) (207 البقرة).
2- (ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (27 الحديد).
فهل ثمةَ تبايُنٍ في معنى قولِ اللهِ تعالى “ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ” ومعنى قَولِ اللهِ تعالى “ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ”؟
يُعينُ على الإجابةِ على هذا السؤال أن نستذكرَ الحقيقةَ القرآنيةَ التي مفادُها أنَّ التبايُنَ في المبنى بين كلمتَين قرآنيتَين كريمتَين لا يلزمُ عنه بالضرورةِ وجوبُ أن يكونَ هناك تبايُنٌ في معناهما. فالكلمةُ القرآنيةُ “رضوان” في الآية الكريمة 27 من سورةِ الحديد أعلاه، وإن كانت تتباينُ في المبنى مع الكلمةِ القرآنيةِ “مَرضاة” في الآية الكريمة 207 البقرة أعلاه، إلا أنَّهما تنطويانِ على ذاتِ المعنى.
ويُخطِئُ كلُّ مَن يتوهَّمُ أنَّ التبايُنَ في المبنى لابد وأن يلزمَ عنه تباينٌ في المعنى بالضرورة! فاللهُ تعالى أعلمُ منا بقرآنِه! والتطابقُ في المعنى بين كلمتَين قرآنيتَين متباينتَين في المبنى لا ينبغي أن يُفهمَ منه أنَّ فيهِ ما يقدحُ في الإعجازِ اللغوي الذي اختصَّ اللهُ تعالى به قرآنَه العظيم! فالإعجازُ اللغوي الذي اختصَّ اللهُ تعالى بهِ قرآنَه العظيم قائمٌ بالمبنى قيامَه بالمعنى. فمبنى الكلمةِ القرآنيةِ يُسهِمُ في قِيامِ هذا الإعجازِ إسهامَ معناها في قيامِه. ونحنُ، وبتركيزِنا على معنى الكلمةِ القرآنية، قد ضيَّعنا ما لمبناها من قدرةٍ على إلقاءِ الضوءِ على جانبٍ لطيفٍ من جوانبِ الإعجازِ القرآني. ولا يحتاجُ الأمرُ منا إلى أكثرَ من أن نتدبَّرَ ما تتمايزُ به الكلماتُ القرآنيةُ المتطابقةُ في المعنى والمتباينةُ في المبنى حتى يكونَ لنا أن نتبيَّنَ شيئاً من هذا الإعجازِ القرآني اللطيف.