
نقرأُ في سورةِ يس، وفي الآيةِ الكريمة 59 منها، قولَ اللهِ تعالى: (وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ). فما هو معنى هذه الآيةِ الكريمة؟
يُعينُ على تبيُّنِ هذا المعنى أن نستذكرَ الآيتَين الكريمتَين التاليتين:
1- (لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُون) (37 الأنفال).
2- (مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) (من 179 آل عمران).
فإذا كانت هذه الحياةُ الدنيا لا يكادُ يتمايزُ أهلُها، وذلك على قدرِ تعلُّقِ الأمرِ بِحالِ واحدِهم مع اللهِ تعالى، فيكادُ حابلُ القومِ يختلطُ بِنابلِهم فيتعذَّرُ تبيُّنُ مؤمنِهم من منافقِهم، فإنَّ هذا لن يكونَ هو الحالَ يومَ القيامة. فاللهُ تعالى سيفرِّقُ بين الناسِ يومَ القيامة، فيجعلُ المجرمينَ يُعرَفونَ بما ميَّزَهم بهِ من فارقِ العلامات: (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ) (41 الرحمن). فإذا كان الناسُ سيُبعَثونَ يومَ القيامةِ جملةً واحدة، فإنَّ الأمرَ لن يطولَ قبلَ أن يَضطرَّ أمرُ اللهِ تعالى “وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ” المجرمين إلى أن يتمايزوا عن المؤمنينَ تمايزاً يفترقونَ عنهم بمقتضاهُ زُمَراً يُساقونَ إلى جهنمَ فيُزَجُّون فيها خالدينَ أبداً.