
نقرأُ في سورةِ الزُّمَر، وفي الآيةِ الكريمة 67 منها، قَولَ اللهِ تعالى (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ). فما معنى قولِ الله تعالى “وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”؟
يُعينُ على تبيُّنِ هذا المعنى أن نستذكرَ قَولَ اللهِ تعالى الواردَ في الآيةِ الكريمة 12 من سورةِ الطلاق: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ). فاللهُ تعالى كشفَ لنا النقابَ في هذه الآيةِ الكريمة عن حقيقةٍ مفادُها أنَّ كلَّ ما في كونِنا من أرضٍ لا يتجاوزُ سبعاً هُنَّ أرضونَ السمواتِ السبع. وكلُّ ما في الكونِ من أرضٍ، في هذه الحياةِ الدنيا وفي الآخرة، في قبضةِ اللهِ تعالى. وتتمايزُ أرضون السموات السبع عن غيرِها من أجرامِ السماءِ بأنَّ فيها حياةً خلقَها اللهُ تعالى من الماء: (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ) (من 30 الأنبياء). فاللهُ تعالى وسِعَ كرسيُّهُ السمواتِ والأرضَ؛ والأرضُ هنا هي كلُّ ما في كونِنا من أرضٍ، والتي بيَّنَ لنا القرآنُ العظيم أنَّها هذه الأرضون السبع.
فإذا كان اللهُ تعالى قد وسِعَ كرسيُّه السمواتِ كلَّها جميعاً والأرضَ كلَّهنَّ جميعاً في هذه الحياةِ الدنيا، فإنَّ قرآنَه العظيم قد بيَّنَ لنا أنَّ هذا هو عينُ ما سيكونُ عليهِ الحالَ يومَ القيامة: حيث الأرضُ جميعاً قبضتُهُ والسمواتُ مطوياتٌ بيَمينِه.