
“المادةُ المظلمة” و”الطاقةُ المظلمة” كينونتانِ اضطُرَّت الفيزياءُ المعاصرةُ إلى القولِ بوجودِهما، وذلك مخافةَ أن ينتهيَ الأمرُ بها إلى التخلِّي عن “النظريةِ النسبيةِ العامة” لآينشتاين! ولو أنَّ علماءَ الفيزياءِ النظرية كانوا مخلصينَ للمنهجِ العلمي، الذي يزعمُ واحدُهم أنَّه يلتزمُ به بأكثرَ مما يلتزمُ به المتديِّنُ بدينِه، لسارعوا من فورِهم إلى نبذِ “النظريةِ النسبيةِ العامة” أما وقد اضطرَّتهم إلى ابتكارِ “المادة المظلمة” و”الطاقةِ المظلمة”! فكيف يستقيمُ للعقلِ الفيزيائي النظري أن يؤمنَ بهاتَين “الكينونتَين” اللتين لا يمكنُ للضوءِ، أو لأيِّ مادةٍ أخرى، أن تتفاعلَ معهما على الإطلاق؟! وكيف تجرؤ الفيزياءُ النظريةُ على القولِ بأنَّها تمثِّلُ “روحَ العلم”، وأنَّها تتَّبعُ منهجيتَه الصارمة، وهي تقول بوجودِ ما يستحيلُ إقامةُ الدليلِ عليه؟!
ولقد قالَ القرآنُ العظيم في هكذا كينوناتٍ، يتناقضُ القولُ بوجودِها مع ما يتميَّزُ به الكونُ من تناسُقٍ وانسجامٍ وتجانسٍ، ما بوسِعنا أن نتبيَّنه بتدبُّر ما جاءتنا به سورةُ الملك في الآيتين الكريمتَين 3- 4 منها: (الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُور. ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ) (3- 4 المُلك). فكيف يكونُ للمادةِ المظلمةِ وللطاقةِ المظلمةِ وجودٌ في هذا الكون الذي فصَّلت لنا هاتان الآيتانِ الكريمتان ما بثَّهُ اللهُ تعالى فيه من “نظامٍ صارمٍ” لا يسمحُ لما يتناقضُ مع هذه القوانين بأن يتواجدَ فيه؟!
وصدقَ اللهُ تعالى القائلُ في كثيرٍ من خَلقِه، ومنهم كثيرٌ من علماءِ الفيزياءِ النظرية: (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ) (من 71 المؤمنون).