
نقرأُ في سورةِ الأنعام، وفي الآيةِ الكريمة 30 منها، قَولَ اللهِ تعالى (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ قَالَ أَلَيْسَ هَذَا بِالْحَقِّ قَالُوا بَلَى وَرَبِّنَا قَالَ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ). فما الذي يتعيَّنُ علينا أن نفهمَه من قولِه تعالى “وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ”؟
يُعينُ على تبيُّنِ هذا الذي ينبغي علينا أن نفهمَهُ من قولِ اللهِ تعالى هذا أن نستذكرَ الحقيقةَ القرآنيةَ التي مفادُها أنَّ لسانَ القرآنِ العربيِّ المبين يقتضي منا وجوبَ أن نقدِرَه حقَّ قدرِه فلا “نُصِرَّ” على أن نُعمِلَ فيه عقولَنا إذا ما تعارضَ بعضٌ من كلماتِه الكريمةِ مع “الفَهم” الذي تواضعنا على أنَّهُ ما ينبغي أن تُفهمَ بهِ هذه الكلماتُ طالما تطابقَ مبناها مع مبنى الكلماتِ التي تجري على ألسنتِنا اليوم!
فالكلماتُ القرآنيةُ الكريمة “وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ” ينبغي أن يتمَّ تدبُّرُها وفقاً لما يقضي بهِ لسانُ القرآنِ العربي المبين؛ هذا اللسانُ الذي يسَّرَ لنا اللهُ تعالى أمرَ تبيُّنِ مضامينِه فجعلَ الطريقَ إلى ذلك يقومُ على أساسٍ من تبيُّنِ ما تعذَّرَ علينا فهمُهُ من لسانِهِ هذا، وذلك بالرجوعِ إلى ما تيسَّرَ لنا أمرُ تبيَّنِهِ وفهمِه من هذا اللسان. فلو أنَّنا تدبَّرنا قولَ اللهِ تعالى “وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ” بدلالةٍ مما هو مُيسَّرٌ تبيُّنُه وفَهمُه من لسانِ القرآنِ العربي المبين، لأصبحَ واضحاً لدينا ما كان يشوبُه الغموضُ قبلها. فقولُ اللهِ تعالى هذا قد فصَّلته وبيَّنته الآيةُ الكريمة 27 من سورةِ الأنعام (وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقَالُوا يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).
يتبيَّنُ لنا إذاً، وبتدبُّرِ قولِ اللهِ تعالى “وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا عَلَى رَبِّهِمْ” في ضوءِ الآية الكريمة 27 من سورةِ الأنعام أعلاه، أنَّ مقصودَ اللهِ تعالى من قولِهِ هذا هو ما بالإمكانِ إيجازُهُ وتلخيصُه بالكلماتِ التالية: “ولو ترى إذ وُقِفوا على نارِ ربِّهم، أي نارِ جهنم”.