
يُخطِئُ مَن يظنُّ أنَّ تقدمَ المجتمعاتِ التكنولوجي دليلٌ وبرهانٌ على سموِّها الأخلاقي! فالإنسانُ هو الإنسان في كلِّ زمانٍ ومكان، ولذلك كان دينُ اللهِ تعالى لا يخصُّ زماناً بِعينِه أو قوماً دون آخرين! فدينُ اللهِ تعالى متعالٍ على الزمانِ، مترفِّعٍ على العِرقِ والجنسِ والثقافةِ والمستوى الاجتماعي. واللهُ تعالى توجَّهَ بِدينِه الحنيف إلى بَني آدمَ كلِّهم أجمعين. ولقد جاءنا قرآنُ اللهِ العظيم بجوهرِ هذا الدينِ الحنيف، وذلك كما يتبيَّنُ لنا بتدبُّرِ الآيةِ الكريمة 13 من سورة الحجُرات: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ).
ولذلك فليسَ بالمفاجِئِ أن نسمعَ قوماً يتعاطفونَ مع مجرمٍ فاسقٍ كقاتلِ نيِّرة! فهؤلاء المتعاطفونَ هم أنفسُهم الذين تحدَّثَ عنهم قرآنُ اللهِ العظيم في الآياتِ الكريمةِ التالية: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ. يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُون) (58- 59 النحل)، (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ. أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِين) (17- 18 الزخرف).
وهؤلاءِ المتعاطفونَ مع هذا المجرمِ الفاسقِ، الذي سيخلِّدُهُ اللهُ تعالى في نارِ جهنمَ أبدَ الآبدين، لا يتمايزونَ بشيءٍ، في حقيقةِ الأمر، عن نفرٍ من العربِ قبلَ الإسلام كانوا لا يتورَّعونَ عن قتلِ فلذاتِ أكبادِهم، والذين يكفينا لنتبيَّنَ مدى مَقتِ اللهِ لهم أن نتدبَّرَ قولَه تعالى: (وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ. بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) (8- 9 التكوير).