
خلقَ اللهُ تعالى ناقةً خلقاً مباشراً (من غيرِ أمٍّ وأب). ولذلك فلقد سمَّى القرآنُ العظيم هذه الناقةَ المباركة “ناقةَ الله”. ولقد حذَرَ سيدُنا صالح قومَه من عذابٍ شديدٍ سيُنزلُه اللهُ تعالى بساحتِهم إن هُم مسُّوها بسوء:
1- (وَيَا قَوْمِ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ) (64 هود).
2- (فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا. فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا) (13- 14 الشمس).
3- (قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (من 73 الأعراف).
وهذا هو عينُ ما كان وتمامُ ما جرى. فلقد ائتمرَ القومُ على ناقةِ اللهِ فعقروها، فكان حقاً على اللهِ أن ينتصرَ منهم، ويُبيدَهم عن بكرةِ أبيهم، انتصاراً بوسعِنا أن نتبيَّنَ شيئاً منه بتدبُّرِنا الآياتِ الكريمةِ التالية: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ(45)قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ(46)قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ(47)وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (48) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ(49)وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ(50)فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ(51)فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ(52)وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) (45- 53 النمل).
إنَّ في انتصارِ اللهِ تعالى لناقتِه ما يكفي ليرعَويَ “مَن كان له قلبٌ أو ألقى السمعَ وهو شهيد” عن مُمالأةِ أولئك الذين دأبُهم تعظيمُ الإنسانِ وتمجيدُه! فها هم قومُ سيدِنا صالح قد أبادَهم اللهُ تعالى انتصاراً منه لناقةٍ لم يقدِروها حقَّ قدرِها فعقروها، فكان حقاً على اللهِ أن يجعلَهم مضرباً للأمثالِ على مرِّ الدهورِ إلى يومِ القيامة!