
نقرأُ في سورةِ الطلاق، وفي الآياتِ الكريمة 1-3 منها، قولَه تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا. فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا). فما معنى “أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ” في الآية الكريمة 2 من سورة الطلاق أعلاه؟
يُعينُ على تبيُّنِ هذا المعنى أن نستذكرَ الآياتِ الكريمةَ التالية:
1- (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) (من 229 البقرة).
2- (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (من 228 البقرة).
3- (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) (180 البقرة).
4- (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ) (من 178 البقرة).
يتبيَّنُ لنا، وبتدبُّرِ هذه الآياتِ الكريمة، أنَّ اللهَ تعالى أمرَ باتِّخاذِ المعروفِ سبيلاً أوحداً للتعاملِ فيما بيننا، حتى وإن كانَ الأمرُ ذا صلةٍ بالطلاق الذي ما أحسنَ كثيرٌ منا مقاربتَه وبالكيفيةِ التي تُرضي اللهَ، وذلك طالما مازج مقاربتَنا له كلُّ ما يتناقضُ مع “المعروف” الذي أمرَنا اللهُ تعالى بألا نحيدَ عنه ما استطعنا في تعاملاتِنا فيما بيننا. فأينَ أكثرُنا من أمرِ اللهِ تعالى (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) (من 2 الطلاق)؟! والمطلَّقاتُ عند أكثرِنا منبوذاتٌ مهمَّشاتٌ، كيف لا وقد فقدنَ ما كان يجعلُ منهن ذواتِ شأنٍ ومنزلة في المجتمع وذلك إثرَ تطليقِ أزواجِهن لهن؟!!!