
ما كان اللهُ ليذرَ أمراً ذا شأنٍ عظيمٍ من أمورِ دنيا الإنسانِ وآخرتِه من دونِ أن يُبيِّنَه قرآنُه العظيم تبييناً لا يدَعُ مجالاً لظنٍّ أو وهم! فاللهُ تعالى أنزلَ قرآنَه العظيم تبياناً لكلِّ شيءٍ ذي صلةٍ بأمورِ دنيانا وأخرانا: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) (من 89 النحل). ولذلك كان بمقدورِ مَن يتدبَّرُ آياتِ القرآنِ العظيم أن يخلُصَ إلى تحديدِ هويةِ المخاطَب بقولِ اللهِ تعالى “اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ” دونما لَأيٍ أو لُغوب.
فيكفي المتدبِّرَ لقصَصِ آدمَ في القرآنِ العظيم أن يستذكرَ ما جاءتنا به سورةُ الأعراف بشأنِ هذا الأمر: (قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ(24)قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ(25)يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)). فالآيةُ الكريمةُ 26 من هذه السورة الكريمة تبتدئ بقولِه تعالى “يَا بَنِي آدَمَ”. وفي هذا ما يكفلُ لمَن يقرأُ الآيتَين الكريمتَين اللتين تسبقانها ما يُعينُه على تبيُّنِ الحقيقةِ القرآنيةِ التي مفادُها أن بَني آدم، وليس أحداً غيرُهم، هم المخاطَبون بقوله تعالى “اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ”.