
نقرأُ في سورةِ الحديد، وفي الآياتِ الكريمة 13- 15 منها، قولَه تعالى: (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ. يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ. فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).
يتبيَّنُ لنا، وبتدبُّرِ هذه الآياتِ الكريمة، أنَّ “المنافقين” هم ليسوا كائناتٍ فضائيةً يتعذَّرُ على المرءِ أمرُ تبيُّنِ هويتِهم وتحديدِ صفتِهم التي بها يتمايزون عن المؤمنين والكفارِ! فالمنافقون هم طائفةٌ من الذين آمنوا عرَّفهم اللهُ تعالى بقولِهِ (يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) (14 الحديد). فالمنافقونَ ينادونَ المؤمنين يومَ القيامة “أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ” أي “ألم نكن منكم نقولُ بما تقولون ونشهدُ بما تشهدون؟ ألم تشهدوا أننا شهدنا أن لا إلهَ إلا الله وأنَّ محمداً رسولُ الله؟”، حينها سيُجيبُهم المؤمنون بما فصَّلته وبيَّنته الآيةُ الكريمة 14 الحديد أعلاه.
وبذلك يتبيَّنُ لنا أن ليس كلُّ مَن شهِدَ الشهادتَين سيؤولُ مصيرُه يومَ القيامة إلى الخلودِ في الجنة! فكم ممن شهدوا الشهادتَين سيُخلَّدون في النار لأنهم كانوا منافقين: (فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (15 الحديد).