
نقرأُ في سورةِ الصافات، وفي الآيتَين الكريمتَين 156- 157 منها، قولَه تعالى: (أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ. فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ). فما معنى “فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ”؟
يُعينُ على تبيُّنِ هذا المعنى أن نستذكرَ الآياتِ الكريمةَ التالية: (وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ) (44 سورة سبأ)، (اِئْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (من 4 سورة الأحقاف)، (أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَابًا مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ) (21 سورة الزخرف).
فالقرآنُ العظيم أقامَ الحجةَ على كفارِ قريش بأنَّ ما هم عليه من إشراكٍ بالله إنما هو من نسجِ الظنونِ وغزلِ الأوهام؛ فاللهُ تعالى ما أنزلَ عليهم من “كتابٍ” من قبلِ القرآن حتى يكونَ لهم أن يحتجُّوا بما جاء فيه تبريراً لما هم عليه من شِركٍ مُبين! ولذلك تحدَّى اللهُ تعالى كفارَ قريش بأن يأتوا بـ “كتابِهم” الذي لو أنَّهم كانوا صادقين لجاؤوا به ولتَلوا منه ما يؤيِّدُ زعمَهم بأنَّ “اللهَ هو من أمَرهم بأن يُشرِكوا به” (وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ) (28 سورة الأعراف).